مجلس الكنائس.. الواقع والمأمول
تحتفل الكنائس المصرية بالعيد الثالث لتأسيس مجلس كنائس مصر، وبدأ العام الرابع لتجُمع كل الكنائس المصرية تحت مظلة هذا المجلس. ورغم أن مجلس كنائس مصر لايزال في بداياته، إلاَّ أنَّ المأمول منه أكبر بكثير مما تحقق بالفعل. لقد حقق المجلس المجلس انجازًا هامًا، عندما احتوى كل كنائس مصر تحت مظلته، في سابقة تاريخية وجغرافية فريدة، وتميَّز المجلس بالتفاعل الهادئ والمتعقَّل بين كل أعضائه، دون صخب أو ضجيج. كما حقق المساواة بين الكنائس الأعضاء في التمثيل وسلطة اتخاذ القرار، بصرف النظر عن حجم الكنيسة وامكانياتها، الأمر الذي يعكس رغبة صادقة في العمل معًا بصدق وانكار للذات. وقد حظى هذا المجلس بالدعم الكبير من رؤساء الكنائس في مصر، ولاسيما قداسة البابا تاوضروس الثاني، الأمر الذي مكَّن المجلس من القيام بالكثير من الأنشطة على كافة المستويات. إننا نشعر بالدور الذي يقوم به مجلس كنائس مصر في الربط بين الكنائس المختلفة في مصر، من أجل التعاون معًا في خدمة الكنيسة العامة، والمساهمة في تقدُم ونمو المجتمع المصري، نحو التحضر والرقي والمحبة والتسامح. وليس معنى هذا أن المجلس قد حقق كل ماكان يصبوإليه؛ فهو لايزال يخطو خطواته الأولى، لكننا ننتظر الكثير في المستقبل القريب. إن نشاطات مجلس كنائس مصر لاتزال مرتبطة بشكل كبير، برقعة جغرافية ضيقة، هى القاهرة الكبرى، ونريد في المستقبل القريب أن يمتد نشاط المجلس إلى الدلتا والصعيد، وأن يشمل كافة بقاع مصرنا الحبيبة. وأن يكون هناك تعاون فعَّال بين الكنائس المحلية في مختلف الطوائف، في كل منطقة جغرافية.
إننا ندرك تمامًا أن ارتباط الكنائس معًا ليس معناه الانصهار وفقدان الهوية، وإنما التعاون معًا من أجل امتداد ملكوت الله. إن كل كنيسة تعبِّر عن مفهوم فريد ومميز لكلمة الله في لاهوتها وممارستها، وهذا يُغني الكنيسة العامة بقدر كبير من التنوع والاختلاف، ويقود إلى ممارسة المحبة الفاعلة وقبول الآخر، الأمر الذي يجب أن يميز الجماعة المسيحية في كل زمان ومكان، ويُعطي مثلاً حيًا للمجتمع أننا نستطيع أن نحيا الاختلاف دون خلاف.
إن مجلس كنائس مصر هو أحد الدلائل الهامة على قدرة الكنائس على التقارب والتفاهم رغم الاختلافات الفكرية والعقائدية. كما يعكس قدرة الشعب المصري على التقارب لمواجهة كافة التحديات التي تحيق بالبلاد.
إنني أرجو أن يكون هذا المجلس، سبب بركة وتغيير حقيقي في فهم كل منا للآخر، وأن يعكس المحبة التي يجب أن تمتلأ بها قلوبنا تجاه بعضنا البعض، لنبدأ بداية جديدة خالية من التعصب والتزمت والتشدد، ومليئة بالتسامح والمحبة والسلام.
يقول أمير الشعراء:
تسامح المرءِ معنى من مروءته بل المروءة في أسمى معانيها
تقَّلد الصفح، تسعد في الحياة به فالنفسُ يسعدُها خُلقٌ ويشفيها
القس رفعت فتحي