في كاتدرائية القديس يوسف بالظاهر.. صلاة ومحبة تضيء قلوب الحاضرين في اليوم الثالث لأسبوع الصلاة من أجل الوحدة
في أجواء إيمانية مفعمة بالمحبة والسلام، احتضنت كاتدرائية القديس يوسف للموارنة بالظاهر، اليوم الثالث من أسبوع الصلاة من أجل الوحدة، حيث اجتمع المؤمنون من مختلف الطوائف المسيحية تحت سقف واحد، حاملين قلوبهم وصلواتهم من أجل تحقيق الوحدة التي أوصى بها السيد المسيح قائلاً: “ليكونوا واحدًا كما نحن واحد”.
وشهد اليوم حضورًا مميزًا للفيف من آباء الكنسية، حيث استقبل نيافة المطران جورج شيحان، رئيس أساقفة إيبارشية القاهرة المارونية لمصر والسودان، والزائر الرسولي على شمال إفريقيا، والرئيس الأعلى للمؤسسات المارونية بمصر، فاعليات اليوم بكل محبة، بحضور نيافة المطران جان ماري شامي، النائب البطريركي العام للروم الملكيين الكاثوليك بمصر والسودان وجنوب السودان، والقس يشوع بخيت، الأمين العام لمجلس كنائس مصر، والأب بولس جرس، الأمين المشارك عن الكنيسة الكاثوليكية، إلى جانب أيضًا لفيف من الآباء الكهنة والقسوس من الكنائس القبطية الأرثوذكسية والإنجيلية والأسقفية، وسط حضور شعبي غفير، اجتمعوا بروح الصلاة طلبًا للوحدة والسلام بين الكنائس وللعالم أجمع.
نور واحد يجمعنا.. وكلمة حب توحّدنا
افتُتحت فعاليات اليوم الثالث بقراءات من الكتاب المقدس، تلتها صلوات مسكونية رفعتها القلوب في خشوع، فيما أضاء الحاضرون الشموع كرمز لنور المسيح الذي يشع في قلوب المؤمنين. ومع وهج الشموع الخافت، ارتفعت أصوات الصلاة كسمفونية حب وسلام، تعبّر عن الشوق العميق للوحدة التي تنبع من قلب الكنيسة ورسالتها.
وفي كلمة ملهمة، قال نيافة المطران جورج شيحان: “الوحدة ليست مجرد شعار نرفعه، بل هي دعوة سماوية ووصية المسيح الذي صلّى لأجلنا جميعًا، أن نكون واحدًا. اليوم، ونحن نصلي معًا، ندرك أن المحبة هي الجسر الذي يعبر بنا فوق خلافات الماضي، ويقودنا إلى مستقبل مشرق حيث الكنيسة تكون شاهدًا حيًا للمسيح في العالم.”
وأضاف: “نحن مختلفون في تقاليدنا وطقوسنا، لكننا متّحدون في محبتنا للمسيح. وعلينا أن نتجاوز ما يفرقنا، ونتمسك بما يجمعنا: محبتنا للمسيح ورسالتنا في خدمة الآخرين.”
كلمات المطران جورج لامست القلوب، وزرعت الأمل في النفوس، فالوحدة ليست مجرد أمنية، بل هي واقع يتحقق حين تمتد الأيدي في المحبة، وتلتقي القلوب في الصلاة، ويصبح المسيح هو الرابط الأبدي الذي يجمع الكنائس المختلفة.
الخدمة.. تجسيد للمحبة المسيحية
من جانبه، شدّد القس يشوع بخيت، الأمين العام لمجلس كنائس مصر، على أهمية الخدمة كترجمة حقيقية لمحبة المسيح، قائلًا: “الخدمة ليست مجرد واجب اجتماعي، بل هي تجسيد حي للمحبة المسيحية التي تنبع من قلب الإيمان. الكنيسة منذ نشأتها كانت دائمًا حاضنة للإنسان، تخدمه روحيًا وماديًا ونفسيًا، لأن الخدمة هي وجه الإيمان العملي.”
وأشار القس بخيت إلى الدور المحوري الذي تقوم به لجان مجلس كنائس مصر، وقدم مجموعة أمثله منها لجنة الكهنة التي نظّمت تسعة مؤتمرات لتعزيز التقارب الرعوي بين الكنائس الخمس الأعضاء. كما لفت إلى جهود لجنة المرأة في دعم الأسرة المصرية من خلال برامج محو الأمية والتوعية الصحية، إلى جانب لجنة الشباب التي تُشرك الجيل الجديد في العمل المسكوني، عبر برامج ثقافية وأنشطة لتعزيز الوحدة.
وأشاد القس بخيت بالتطور الملحوظ في عمل لجنة الإعلام، مؤكدًا أنها أصبحت جسرًا حيويًا يربط الكنائس ببعضها البعض، من خلال الإعلام الرقمي والصحافة والتواصل المستمر مع المؤسسات الإعلامية، والعمل الدؤوب لتطوير الموقع الإلكتروني للمجلس، انطلاقًا من إيمانها بأن صوت الكنيسة يجب أن يصل إلى الجميع.
رواية “قائدة الأوركسترا”.. حين تُكتب المحبة بحروف الإيمان
وفي ختام هذا اليوم الروحي العميق، دعا نيافة المطران جورج شيحان الحاضرين لحضور حفل توقيع كتاب الإعلامية ريما السيقلي، بعنوان “قائدة الأوركسترا”، وهو عمل أدبي مسكوني يستلهم تعاليم المسيح وقيم المحبة والاحترام المتبادل.
وخلال الأمسية الأدبية، ألقى الأب رفيق جريش، راعي كنيسة القديس كيرلس بالكوربة، كلمة تحدّث فيها عن أهمية الأدب المسيحي في نشر روح الوحدة، مشيرًا إلى أن الكتاب يعكس بصورة أدبية عميقة كيف يمكن للأوركسترا المسكونية أن تعزف لحنًا واحدًا رغم اختلاف الأصوات.
وقدّم مايكل فيكتور، رئيس لجنة الإعلام بمجلس كنائس مصر، كلمات الأمسية التي اتسمت بروح من الإعجاب برسالة الكتاب. وقال: “إنها ليست مجرد رواية، بل دعوة مفتوحة لنا جميعًا لنعيش المحبة المسكونية كما أرادها المسيح. فالوحدة لا تعني الذوبان، بل تعني الانسجام والتناغم في حب المسيح وخدمته.”
شموع الأمل.. ورسالة الوحدة
وبين أضواء الشموع التي ظلت تلمع في الكاتدرائية حتى اللحظات الأخيرة، غادر الحاضرون بقلوب ممتلئة بالإيمان والرجاء، مدركين أن الوحدة ليست حلمًا بعيد المنال، بل هي حقيقة تتحقق عندما نلتقي عند قدمي المسيح، حاملين صليب المحبة، ورافعين شعار: “ليكونوا واحدًا”.
وهكذا، انتهى اليوم الثالث من أسبوع الصلاة من أجل الوحدة، لكن رسالته بقيت نابضة في القلوب: “نحن كنيسة واحدة، بأرواح مختلفة، لكن بحب واحد.. حب المسيح الذي يوحّدنا إلى الأبد.”
صادر عن: لجنة الإعلام بمجلس كنائس مصر