ستظل الأُخُوَّة الإنسانية هي الرابطة التي تضم جميع البشر؛ لأنها تجمَع ما فرّقته الأديان أو المعتقدات أو السياسة أو العنصرية البغيضة أو الطبقية الواهية، فكل إنسان يحتاج لأن يعرف أنه أخٌّ للإنسان، وأنه محتاج إليه، بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه.. والكل ينشد العدل والمساواة والكرامة والأمن والسعادة.
والأخوة وحدها هي بلسم كل الجراح ودواء كل الخطوب، فالحياة دون أُخوّة لا تساوى شيئًا، فهى دون أخوة صحراء قاحلة، غابة موحشة، ميدان قتال، ساحة حرب لا صوت يعلو فيها على صوت أزيز الطائرات، ورعد الصواريخ، ودوى المدافع، وانفجار القنابل.
والرابع من فبراير هو اليوم العالمى للأخوة الإنسانية، وهو اليوم الذي وقّع فيه فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، وثيقة الأخوة الإنسانية، برعاية من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويأتى توقيع هذه الوثيقة في فبراير 2019 تأكيدًا على أهمية التسامح والتعددية والاحترام المتبادل بين أتباع الأديان والمعتقدات بما يحقق السلام والاستقرار الاجتماعى والتفاهم المتبادل على كافة الأصعدة، من أجل إنقاذ الأجيال القادمة من ويلات العنصرية والتعصب الأعمى والكراهية، التي باتت عنوانًا لكثير من الخطابات والرسائل في العديد من دول العالم.
كما أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثانى والعشرين من ديسمبر 2020 بالإجماع قرار اعتماد يوم 4 فبراير، ذكرى توقيع الوثيقة، يومًا دوليًّا للأخوة الإنسانية، يُحتفل به في هذا اليوم من كل عام بتنظيم العديد من الفعاليات والندوات التي تعزز من قيم التعايش الإنسانى.
كما تم تدشين حديقة تحمل شعار «الأخوة الإنسانية»، التي أطلقتها «مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم»، بحضور عدد من أصحاب الهمم من جميع الجنسيات، بمناسبة اليوم العالمى للأخوة الإنسانية، تعبيرًا عن التضامن والتعاضد بين شعوب العالم على أرض دولة الإمارات.
وتضمنت وثيقة الأخوة الإنسانية إعلان الموقّعين عليها تبنى ثقافة الحوار، والتعاون المشترك، والتعارف المتبادل. وطالبت وثيقة الأخوة الإنسانية، قادة العالم وصانعى السياسات الدولية والاقتصاد العالمى، بالعمل جديًّا على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، والتدخل فورًا لإيقاف سيل الدماء البريئة، ووقف ما يشهده العالم حاليًا من حروب وصراعات وتراجع مناخى وانحدار ثقافى وأخلاقى.
ودعت الوثيقة، المفكرين والفلاسفة ورجال الدين والفنانين والإعلاميين والمبدعين في كل مكان، ليعيدوا اكتشاف قيم السلام والعدل والخير والجمال والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، وليؤكدوا أهميتها كطوق نجاة للجميع، وليسعوا في نشر هذه القيم بين الناس في كل مكان.
كما يتم في اليوم العالمى للأخوة الإنسانية من كل عام تكريم الفائزين بجائزة زايد العالمية للأخوة الإنسانية، التي تعد إحدى ثمار «وثيقة الأخوة الإنسانية»، وتحتفى بالأشخاص والمؤسسات التي تعمل على ترسيخ السلام والعيش المشترك، وبناء جسور التواصل الثقافى والإنسانى، وطرح مبادرات عملية ناجحة ومؤثرة لتعزيز الأخوة والتعايش الإنسانى.
وثقافة السلام التي تتبناها الأمم المتحدة هي مجموعة من القيم والمواقف والتقاليد وأنماط السلوك وأساليب الحياة التي تستند إلى ما يلى:
«احترام الحياة وإنهاء العنف وترويج وممارسة اللا عنف من خلال التعليم والحوار والتعاون- اﻻحترام الكامل لمبادئ السيادة والسلامة اﻹقليمية والاستقلال السياسى للدول وعدم التدخل في المسائل التي تعد أساسًا ضمن اﻻختصاص المحلى ﻷى دولة، وفقًا لميثاق اﻷمم المتحدة والقانون الدولى- اﻻحترام الكامل لجميع حقوق اﻹنسان والحريات اﻷساسية وتعزيزها- اﻻلتزام بتسوية الصراعات بالوسائل السلمية- بذل الجهود للوفاء باﻻحتياجات اﻹنمائية والبيئية للأجيال الحاضرة والمقبلة- احترام وتعزيز الحق في التنمية- احترام وتعزيز المساواة في الحقوق والفرص بين المرأة والرجل- اﻻعتراف بحق كل فرد في حرية التعبير والرأى والحصول على المعلومات- التمسك بمبادئ الحرية والعدل والديمقراطية والتسامح والتضامن والتعاون والتعددية والتنوع الثقافى والحوار والتفاهم على مستويات المجتمع كافة وفيما بين اﻷمم».
ولكم أتمنى أن تحذو مصر حذو دولة تيمور الشرقية، وتعتمد وثيقة الأخوة الإنسانية وثيقة وطنية، وتضعها ضمن المناهج الدراسية في جميع مدارسها وجامعاتها.
القس رفعت فكري سعيد
رئيس لجنة الاعلام
مجلس كنايس مصر