انطلاق المؤتمر التاسع للجنة الكهنة والرعاة لمجلس كنائس مصر
بدأت اليوم فعاليات المؤتمر التاسع للجنة الكهنة والرعاة لمجلس كنائس مصر تحت شعار “رعاة حسب قلبي” (إر ١٥:٣)، وذلك بمركز لوجوس بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون. يستضيف المؤتمر قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بحضور نحو ١٣٠ من الكهنة والقساوسة من الكنائس الخمس الأعضاء في مجلس كنائس مصر.
يقام المؤتمر تحت إشراف لجنة الكهنة والرعاة برئاسة القس ناجح فوزي، ويقوده القمص بطرس فؤاد. وحضر الآن للمشاركة في الجلسة الافتتاحية الدكتور جورج شاكر، نائب رئيس الطائفة الإنجيلية، نيافة المطران الانبا توماس ممثلاً عن غبطة الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الأقباط الكاثوليك، ونيافة المطران سامي فوزي، مطران الكنيسة الأسقفية.
كما حضر ايضاً الأمين العام لمجلس كنائس مصر الأب يشوع بخيت، بالإضافة إلى الأمناء القس رفعت فتحي، والأب بولس جرس.
افتتح المؤتمر بالصلاة التي قادتها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ومن المقرر أن يلقي قداسة البابا تواضروس الكلمة الافتتاحية في أولى جلسات المؤتمر. يشمل برنامج اليوم الأول محاضرتين أخريين، يلقي الأولى نيافة الأنبا توماس، بينما يقدم الثانية القمص بولس جورج، مع مشاركة للصلاة تقودها الكنيسة الكاثوليكية.
مؤتمر “رعاة حسب قلبي” يواصل أعماله بمشاركة 130 من الكهنة والقساوسة في مركز لوجوس
تحت شعار “رعاة حسب قلبي” (إر 15:3)، يواصل مؤتمر لجنة الكهنة والرعاة لمجلس كنائس مصر فعالياته في مركز لوجوس بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون. المؤتمر، الذي يستضيفه قداسة البابا تواضروس الثاني، يشهد حضورًا واسعًا من نحو 130 كاهنًا وقسيسًا يمثلون الكنائس الخمس الأعضاء في المجلس.
في افتتاح المؤتمر، رحب القس ناجح فوزي، رئيس اللجنة، بالمشاركين، موجهًا شكره لقداسة البابا تواضروس على استضافة المؤتمر. وأوضح في كلمته رؤية ورسالة اللجنة، مشيرًا إلى أن المؤتمر السنوي ليس الحدث الوحيد الذي تنظمه اللجنة، بل تسعى كذلك إلى إقامة لقاءات يومية على مدار العام لمناقشة القضايا التي تشغل اهتمام الكهنة والرعاة، مع التأكيد على توسيع نشاط المجلس ليشمل إيبارشيات خارج القاهرة.
كما قدّم الأب يشوع بخيت، الأمين العام لمجلس كنائس مصر، عرضًا تفصيليًا حول نشاط المجلس، مؤكدًا أن رؤية المجلس تقوم على المحبة والتعاون بين الكنائس الأعضاء.
وتحدث القس جورج شاكر، نائب رئيس الكنيسة الإنجيلية، في كلمته عن المحبة، مشيرًا إلى أن السيد المسيح قدم لنا أعظم مثال للحب من خلال الخلاص، ودعا في صلاته لأن نكون واحدًا، فالمحبة تجمعنا دائمًا ولا تفرقنا، مستشهدًا بالقول الكتابي “المحبة لا تسقط أبدًا”. وأضاف أن تنوع الكنائس لا يلغي وحدتها، فنحن نؤمن بكتاب مقدس واحد ومسيح واحد، وهذا التنوع يعد مصدر ثراء ويعكس عمق التجربة الإيمانية.
أما نيافة الأنبا توماس، ممثلًا عن غبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق بطريرك الأقباط الكاثوليك، فأكد في كلمته أن السيد المسيح يدعونا جميعًا لنكون “بناة سلام” في عالم يمتلئ بالتحديات والانقسامات. وأوضح أن دعوة السيد المسيح ليست مجرد دعوة للمصالحة بين الناس، بل هي دعوة لنعيش في سلام داخلي مع الله ومع أنفسنا. وأضاف أن رسالتنا كمسيحيين تقتضي أن نكون صانعي سلام في محيطنا وبيئاتنا، وأن نعمل على بناء جسور الحوار والتفاهم مع جميع الأطراف، وذلك من خلال الخدمة المخلصة والتواضع. ودعا الجميع إلى التأمل في كلمات السيد المسيح التي تحمل في طياتها رسالة محبة وسلام لا تنتهي.
ومن جانبه، قال نيافة المطران سامي فوزي، مطران الكنيسة الأسقفية، إن وحدة المحبة والتواضع والخدمة هي أساس وجودنا كشهود للمسيح في العالم. وأشار إلى أن الكنيسة اليوم مدعوة لتقديم صورة واضحة عن المسيح من خلال حياتها اليومية وخدمتها للآخرين. وأكد أن العالم اليوم بحاجة ماسة إلى رؤية هذه الصورة فينا، حيث يفتقر العالم إلى المعنى الحقيقي للمحبة التي تجمع ولا تفرق، وتبني ولا تهدم. وأضاف أن هذا المؤتمر يمثل فرصة حقيقية للتأمل في معاني الوحدة التي دُعينا إليها، وهو أيضًا وقت ملائم للتفكر في كيفية تجديد رسالتنا في الخدمة والعمل الروحي، مؤكدًا أن الروح القدس هو الذي يعمل فينا وفي حياتنا إذا اتبعنا دعوته بإخلاص.
واختتمت الفترة الصباحية بمحاضرة لقداسة البابا تواضروس الثاني حول الرعاية والخدمة، وقدمت لجنة الكهنة والرعاة بعد ذلك هدية تذكارية لقداسة البابا، ثم التقط قداسته الصور التذكارية مع الكهنة والقسوس أمام المكتبة البابوية المركزية في مركز لوجوس.
لجنة الكهنة والرعاة تزور المكتبة البابوية المركزية
قام أعضاء لجنة الكهنة والرعاة، على هامش مؤتمرهم المنعقد في مركز لوجوس، بزيارة المكتبة البابوية المركزية في المقر البابوي بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون. تأتي هذه الجولة بدعوة من قداسة البابا تواضروس الثاني، الذي أكد على أهمية هذه المكتبة باعتبارها أحد المشاريع الحديثة التي تجسد اهتمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالتعليم والبحث العلمي.
استهلت اللجنة جولتها بتعريف شامل على المكتبة وأقسامها المتعددة، وأهدافها الطموحة، منها جمع التراث القبطي وترميمه، ودعم تبادل المعرفة بين الباحثين محليًا وعالميًا. كما تم عرض بعض المقتنيات الفريدة في القاعات المتحفية، ومنها جزء من خشبة الصليب المقدس المُهدى إلى الكنيسة القبطية عام 1975.
خلال الجولة، تعرف أعضاء اللجنة على الأقسام المختلفة للمكتبة، والتي تضم الكتاب المقدس، العلوم اللاهوتية، وتاريخ المسيحية، بالإضافة إلى قاعات متخصصة، مثل قاعة المالتي ميديا وقلاية البابا شنوده، التي تحتوي على بعض مقتنياته الشخصية.
وفي ختام الجولة، أشاد الحاضرون بما شاهدوه من تجهيزات حديثة تشمل أجهزة المسح الضوئي ومعامل الترميم، والتي تسهم في تحويل المخطوطات والكتب إلى نسخ رقمية. أعربوا عن تقديرهم لدور المكتبة في تعزيز مسيرة التعليم الكنسي وتوثيق التراث، مشيرين إلى أن هذا المشروع يعزز من مكانة الكنيسة كحافظة للحضارة المصرية وتراثها الغني.
وخلال حديثه عن المكتبة، قال قداسة البابا تواضروس الثاني: “كانت هذه المكتبة حلمًا شغل خاطري طويلًا، نشكر الله أنه أعطانا هذه النعمة الكبيرة، فما كان مجرد حلم أصبح الآن واقعًا”.
البابا تواضروس: المحبة أساس العلاقة بين الراعي والرعية
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني صباح اليوم المحاضرة الأولى خلال مؤتمر الكهنة والرعاة لمجلس كنائس مصر، تناول فيها موضوع المحبة باعتبارها الفضيلة الأعظم التي تقود الإنسان إلى السماء. وأكد قداسته أن المحبة هي الشيء الوحيد الذي نأخذه معنا في الحياة الأبدية، وأن هذه الحقيقة رغم بساطتها تغيب عن أذهان الكثيرين في هذا العالم المعقد. استند البابا تواضروس في حديثه إلى خبرات القديس بولس الرسول في رسالته الثانية إلى تيموثاوس، مشيرًا إلى أن كل شخص منا هو “تيموثاوس”، يحمل وصايا سامية لحياته الروحية وخدمته.
قدّم قداسة البابا علامات أساسية لضمان علاقة قوية وفعالة بين الراعي والرعية، كان أولها “الإكرارز”، حيث شدد على ضرورة زرع كلمة الله في قلوب الناس وسط مغريات العالم التي تشغل أفكارهم ومشاعرهم. وأوضح قداسته أن العالم يسعى لإبعاد الناس عن مشاعر السماء، مؤكداً على أهمية أن تكون كلمة الله مزروعة في القلب بعمق.
ومن العلامات التي تحدث عنها قداسة البابا كانت “الخلوة”، حيث دعا إلى أن يكون لكل راعٍ وقت خاص به قبل أن يقدم على أي نشاط خارجي. وأكد على أهمية تخصيص وقت للتأمل الشخصي، قائلاً: “اعكف على ذاتك لتسلك بالتدقيق”.
كما أشار قداسته إلى أهمية الانتباه والتروي قبل ارتكاب الأخطاء، مشبهاً الراعي بالنخلة التي تعطي ثمارها دون أن تتأثر بالعوامل الخارجية، وشدد على ضرورة الوعي الروحي المستمر، فالخطية تسبقها دائماً غفلة.
أحد الجوانب الأساسية التي تناولها قداسته كان أهمية الافتقاد، حيث أكد على ضرورة أن يقوم الراعي بزيارة أبنائه بانتظام، ليس فقط من أجل التوجيه، بل أيضًا من أجل إظهار المحبة والرعاية. فالافتقاد يعزز العلاقة الشخصية بين الراعي والرعية ويعكس اهتمام الراعي بكل فرد في الكنيسة.
كما شدد قداسة البابا على أهمية الصلاة كركيزة أساسية في حياة الراعي، مؤكداً أن الصلاة ليست مجرد واجب، بل هي علاقة شخصية مستمرة بين الراعي والله. الصلاة تمنح القوة والحكمة لمواجهة التحديات وتُبقي الراعي متصلًا بروح الفرح والسلام الداخلي.
تحدث قداسة البابا أيضًا عن أهمية تحمل المشقات في الخدمة، مشيرًا إلى أن الخدمة ليست راحة بل هي بذل وعطاء. واستشهد بقول القديس بولس: “من أجلك نُمات كل النهار”، مؤكدًا أن تحمل المشقات هو جزء أساسي من الرسالة الروحية للراعي.
وتابع قداسة البابا قائلاً: “الخدمة ليست عن النتائج بل عن البذل”، داعيًا الرعاة إلى العمل بروح المبشرين، والتركيز على زرع الفرح في قلوب الرعية دون الاهتمام بالنتائج الفورية. وأكد على أهمية القيام بالافتقاد والصلاة والوعظ بروح الفرح والتشجيع والمحبة.
وفي ختام حديثه، شدد قداسة البابا تواضروس على ضرورة إتمام الخدمة بإتقان وشمولية، مشبهاً العلاقة بين الراعي والرعية بعلاقة الأب بأبنائه، التي تقوم على التوجيه بمحبة خالصة، والرعاية الروحية والتوجيه المستمر.
كما أشار قداسته إلى جوانب أخرى ذات أهمية كبيرة في خدمة الراعي، مثل الاهتمام بالفئات المختلفة داخل الكنيسة، وتعزيز التعليم الروحي وتنمية روح التواصل داخل الأسرة الكنسية.
الأنبا توماس عدلي: الكتاب المقدس في حياة الراعي هو دعوة للتفسير العميق وفهم القضايا الأخلاقية
ألقى نيافة الأنبا توماس عدلي، مساء اليوم محاضرة غنية بالفكر الروحي ودراسة الكتاب خلال مؤتمر الكهنة والرعاة بمجلس كنائس مصر. استعرض نيافته كيف أن الكتاب المقدس يشكل حجر الزاوية للعظات، مشيراً إلى أن الكتاب المقدس يمكن أن يكون نقطة انطلاق للقضايا الأخلاقية التي يتطرق إليها الراعي في وعظه. لكنه شدد على أن النصوص المقدسة تحتاج إلى تفسير عميق ومتجدد يتناسب مع احتياجات الرعية وحالاتهم المختلفة.
وتحدث نيافة الأنبا توماس عن أهمية تفسير الكتاب المقدس بشكل دقيق، لافتًا إلى أن يسوع المسيح كان يستخدم الأمثال ليس فقط لتوضيح نقاط أخلاقية، بل لتوجيه الرعاة والشعب إلى كيفية فهم مفاهيم القربى والرحمة. على سبيل المثال، استعرض نيافته مثل السامري الصالح الذي لم يكن مجرد مثل عن الشفقة، بل عن مفهوم القريب.
وأوضح نيافته كيفية تفسير أمثال السيد المسيح من خلال فهم السياق الذي يُطرح فيه المثل، سواء قبل سرد المثل أو بعده. استدل بمثل الابن الضال (لوقا 15) الذي يظهر فرح الأب بعودة الابن الأصغر، لكنه يبقى الباب مفتوحاً أمام تصرف الابن الأكبر، مما يجعل الرسالة مزدوجة تتحدث عن الغفران والاحتفاء بالعائدين إلى الرب، وفي الوقت ذاته تطرح تساؤلاً عن مدى تقبل الآخرين لهذا الغفران.
وفي ختام المحاضرة، أشار نيافته إلى ضرورة أن يكون الراعي محدثاً لنفسه ومواكباً لأحدث الدراسات في الكتاب المقدس، ليتمكن من تقديم تفسير جديد يلائم احتياجات المؤمنين. كما قدم أمثلة عملية مثل اختيار أسماء مستوحاة من النصوص المقدسة للخدمات المختلفة، كدار “السامري الصالح” لكبار السن أو خدمة “يوسف الرامي” لخدمة الموتى.
واختتم نيافة الأنبا توماس كلمته بالإشارة إلى أهمية استخدام الكتاب المقدس كأداة حية في التعليم والإرشاد، مؤكدًا على ضرورة أن يكون الراعي دائم الاطلاع على ما وصلت إليه الدراسات الحديثة.
يذكر أن نيافته كان قد ألقى كلمة الكنيسة الكاثوليكية في مصر، نيابةً عن غبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق. كما أهدى نيافته هدية تذكارية إلى قداسة البابا تواضروس الثاني، من أعمال أبناء مركز سان جوزيف لذوي الاحتياجات الخاصة بالفيوم.
القمص بولس جورج: الراعي الحقيقي يبحث عن الخروف الضال في كل مكان
ألقى القمص بولس جورج كلمة روحية غنية خلال مؤتمر الكهنة والرعاة، تناول فيها التحديات التي تواجه الرعاة في خدمة المؤمنين داخل الكنيسة وخارجها. وشدد في كلمته الروحية على أهمية البحث عن “الخروف الضال”، موضحاً أن الاهتمام بالأشخاص داخل الكنيسة لا يغني عن الحاجة الملحة لرعاية من هم خارجها.
وأشار القمص بولس إلى مثل السيد المسيح عن الراعي الذي ترك التسعة والتسعين من أجل البحث عن الخروف الضال، مسلطًا الضوء على أنواع الخراف الضالة التي قد يواجهها الراعي في خدمته. ومن بين تلك الأنواع، الخروف التائه الذي ينشغل بهموم الحياة اليومية كارتفاع الأسعار والمعيشة، والخروف المعثر الذي قد يكون ابتعد بسبب تجربة مؤلمة أو لعدم تلقي الرعاية الكافية من الكنيسة، وكذلك الخروف المجروح الذي يحتاج إلى عزاء وتعضيد في أوقات المحن.
كما تطرق إلى أهمية تشجيع الخراف الضالة على العودة إلى الرب، مشيرًا إلى أن الراعي الحقيقي هو من ينزل إلى عالمهم ليرفعهم نحو السماء. وأكد أن دور الراعي ليس مجرد أداء واجبات رسمية، بل أن دوره الأسمى هو إعادة الناس إلى حضن المسيح من خلال الدعوة، التشجيع، التحذير، والمتابعة المستمرة. وذكر أن مثل زكا العشار يبرز كيف يمكن للرب أن يدخل إلى حياة أكثر الناس بعدًا عن الله ويغير مسارهم للأفضل.
وفي ختام الكلمة، أشار القمص بولس إلى أهمية المتابعة المستمرة للخدمة، موضحاً أن غياب المتابعة يعطل نمو الزرع الروحي في حياة الناس. وشدد على أن الرعاية الحقيقية تشمل الاهتمام بالاحتياجات النفسية والمادية للمؤمنين، لأن الناس يتأثرون أكثر بالأفعال والمواقف التي يرونها أكثر مما يسمعونه.
ختامًا، أكد القمص بولس أن الراعي مطالب بطرق أبواب المؤمنين ودعوتهم للمخلص، مشددًا على أهمية أن تكون الزيارات الرعوية مفعمة بروح الدعوة للخلاص، مشيرًا إلى أن كل مؤمن يبحث عن كلماته الخاصة من الله لمعالجة حالته الروحية.